السحر والشعوذة في ليلة 27 رمضان | إعتقادات خاطئة وممارسات منبوذة

ياسين بن رمضان6 أبريل 2024آخر تحديث :
السحر والشعوذة في ليلة 27 رمضان | إعتقادات خاطئة وممارسات منبوذة
جرسيف زووم | متابعة

إذا كانت العشر الأواخر من رمضان بالنسبة لشريحة واسعة من المغاربة مناسبة للإكثار من التعبد، فهناك فئة أخرى تجد في هذه المناسبة فرصة لإتيان أعمال السحر والشعوذة بغية التداوي من الأمراض أو مواجهة المشاكل النفسية، وكذا من أجل إيذاء الآخرين، خاصة في ليلة السابع والعشرين.

وتشجع هذه الممارسات، حسب مهتمين، بعض “الاعتقادات الخاطئة”، التي تكرست في المخيال الجمعي للمغاربة على غرار إطلاق سراح “الشياطين والعفاريت” في هذه الليلة، مؤكدين أن موقف الدين واضح من السحر والتعاطي له، ومسجلين في الوقت ذاته أن هذه الممارسات المُحرمة والمنبوذة آخذة في الاندثار داخل المجتمع المغربي بسبب ارتفاع منسوب الوعي لدى المواطنين.

وعي متصاعد


خالد التوزاني، باحث في الفكر الديني، قال إن “من العادات المنتشرة بين فئات عريضة من المغاربة بعض الأعمال التي ترتبط بالممارسات السحرية وطقوس الشعوذة في المواسم الدينية، ومنها العشر الأواخر من رمضان، نظراً لسيادة اعتقاد شائع بخصوص إطلاق سراح الجن والشياطين مباشرة بعد ليلة القدر لأنها سلام حتى الفجر، وبعد ذلك تتحرر الشياطين من الأسر وتنطلق في الأرض، وهو ما يفسر إطلاق البخور في هذه الأيام، ولكن بنيات ومقاصد مختلفة”.

وأضاف أن “هيمنة الجهل بالعقيدة في بعض المناطق في المغرب يؤدي إلى ضعف الوازع الديني، مما يجعل تلك المناطق عرضة لنشر الخرافات والبدع ومظاهر الشرك، ومنها الممارسات السحرية، حيث يتم الترويج لبعض الطقوس التي تتناقض مع الشريعة الإسلامية بمبررات كثيرة، من أبرزها البحث عن العلاج أو جلب الحظ أو الصلح بين المتخاصمين أو تقوية الروابط الأخوية والعائلية من باب الغاية تبرر الوسيلة”.

وأوضح التوزاني، أن “هذه الممارسات الشركية والطقوس السحرية لا ترتبط بالمجتمع المغربي وحده، بل توجد في جميع الدول، بما فيها الدول المتقدمة، لكنها تظهر للواجهة خلال المناسبات الدينية، نظرا لارتباط مثل هذه الممارسات بمعتقدات لها صلة بالنصوص الدينية القديمة، وبعضها يعود إلى آثار الديانات السابقة”، مسجلا أن “المغرب عرف في السنوات الأخيرة انخفاضاً في عدد الممارسين لهذه الطقوس بسبب ارتفاع منسوب الوعي الثقافي وانتشار التعليم وتمدرس الفتاة على وجه الخصوص، لأن الإقبال على أعمال السحر في عمومه كان يتم من قبل النساء أكثر، إضافة إلى جهود العلماء والوعاظ في المساجد والكراسي العلمية في تصحيح العقيدة والمذهب والسلوك، وحفظ الثوابت الدينية للمملكة من أي انحراف”.

ولفت إلى أن “انتشار أعمال السحر في المغرب لم يعد ظاهرة واسعة الامتداد كما كان قبل عقود، نظراً للتقدم الذي أصبحت تشهده البلاد في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما وفرّ للمغاربة عدداً من احتياجاتهم في الصحة والتعليم والقضاء، الشيء الذي قلّص مساحة اللجوء إلى حلول غير منطقية أو منحرفة مثل أعمال السحر والشعوذة”.

في المقابل رصد الباحث ذاته “شيوع ظاهرة إطلاق البخور في رمضان، باعتبارها من العادات الاجتماعية، ولها أبعاد دينية، تتمثل في التعبير عن الفرح باقتراب موعد عيد الفطر، حيث يقوم المغاربة بتنظيف البيوت وتزيينها وتعطير الأماكن بأنواع من البخور المحلية، إضافة إلى عادة الحناء، خاصة بالنسبة للفتيات، وإدخال الفرح على الأطفال بشراء ألبسة العيد”، مبينا أن “هذه العادات الاجتماعية لا علاقة لها بأعمال السحر والشعوذة، وإنما لها أصول في تاريخ المغرب وانفتاحه على ثقافات عديدة، وتؤكد حرصه على القيم الإنسانية، ومنها العناية بالجمال في الظاهر والباطن”.

في خدمة الشرك

عبد اللطيف الوزكاني، باحث في العلوم الشرعية، قال إن “السحر ظهر منذ القدم، وقد أخبرنا القرآن الكريم بهذا من خلال سرده قصة سحرة فرعون ومقارعة نبي الله موسى عليه السلام لهم بالمعجزات البينات الواضحات”، مضيفا “لا يخلو بلد من بلدان العالم من ممارسات السحر والشعوذة، التي يمارسها من لا وازع ولا أخلاق لهم، حيث يلجؤون إلى تضليل الناس عن طريق إيهامهم بقدرتهم على قضاء حوائجهم، خاصة في بعض المناسبات كالعشر الأواخر من رمضان وعاشوراء وغيرهما”.

وأشار الوزكاني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “بعض الناس، وبالضبط في ليلة السابع والعشرين من رمضان، يقصدون السحرة والمشعوذين لإيذاء غيرهم، سواء كانوا من الأقارب أو ممن يريدون الإيقاع بهم، حيث يجدون ضالتهم عند هؤلاء في ظل وجود اعتقاد لديهم بأن الشياطين التي تسخر في أعمال السحر تكون حرة طليقة خلال هذه الفترة، غير أن الحقيقة ليست ذلك”.

في السياق ذاته سجل المتحدث ذاته أن “الشياطين تُصفد في شهر رمضان كلّه وليس في جزء منه فقط دون غيره، وبالتالي فإن إقدام هؤلاء الأشخاص على هذه الممارسات والأعمال يترجم نوعا من النقص في العقيدة وفي الإيمان بالقضاء والقدر، بل يعد ذلك شركا بالله، وهذا لا يغفره الله عزو وجل ويغفر بقدرته ومشيئة ما دون ذلك”، لافتا إلى أن “الكثير من النّاس لحقهم أذى كبيرا جراء إتيان غيرهم للسحر والشّعوذة، خاصة إذا كان هذا السحر مأكولا أو مشروبا”.

وخلص إلى أن “موقف القرآن الكريم وكذا سنة رسول الله واضحان في مسألة تحريم السّحر واستعماله لإيذاء الناس عبر تصنيفه ضمن الأعمال الشركية التي لا تُغتفر”، مشيرا في هذا الإطار إلى حديث رسول الله ﷺ: “مَن أتى عرَّافًا أو كاهنًا فصَدَّقَه بما يقولُ، فقد كَفَرَ بما أُنْزِلَ على محمَّدٍ ﷺ”.

المصدر : هسبريس
الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق