لعل ظاهرة التشرد بإقليم جرسيف ذخيلة نوعا ما و لكن في السنوات الأخيرة أصبح نلاحظ بين الفينة و الأخرى حالات مشابهة لا حول ولا قوة لها.
أناس مثلنا .. يعيشون بيننا و لكن كل منهم يدور في فلكه…لكل منهم حكايا جعلت منهم أجسادا بلا أرواح
هاته الفئة من المجتمع أصبحت تشمل رجالا، نساءا، أطفال بلا مأوى..
و نحن على مشارف فصل الشتاء يحتسون البرد وجوع …ينامون على قارعة الطريق بأجسادهم النحيلة وأقدامهم العارية، و اصوات أمعائهم الخاوية التي تعزف لحن الجوع بنغمة حزينة…
أجساد بلا أرواح…هلكى بلا حول ولاقوة، بلا حب، بلا حضن، بلا شيئ..
يعانقون غيث السماء تحت سمفونية الألم…
كنموذج هنا من جرسيف…نأخذ على سبيل المثال حالة لمسن بإعاقة جسدية يفترش الأرض و يلتحف السماء ….
الساعة تشير إلى التاسعة ليلا ميقات إغلاق المحلات التجارية والمهنية والخدماتية بسبب عودة الحجر الصحي الجزئي…المكان شارع محمد الخامس قرب المسجد الأعظم…
صمت مطبق يسيطر على الفضاء، يأبى إلا أن يكسره منظر مسن يفترش الأرض و بجانبه كرسيه المتحرك …
قد يخيل للمرء في البداية أنها جثة ضحية حادث ما لكن الحقيقة تؤكد أنه ضحية لفظه المجتمع بعد أن تنكر له المحيطون وذوو القربى.
المسن حسب ما تناقلته صفحات فيسبوكية محلية ينحدر من الرشيدية و كان من النزلاء السابقين بدار المسنين غير أنه شاءت به الأقدار أن يتخذ من الأرصفة حضنا له و من كرسيه المتحرك رفيق دربه..
لعل حالة هذا المسن تدفعنا للتفكير مليا في ضرورة عودة حملات الدفئ التي عادة ما تنظم من لدن السلطات أو جمعيات المجتمع المدني