يتطلع الشباب المغربي إلى التغيير والتقدم والإزدهار في شتى الميادين، ليضمن العيش الكريم والإطمئنان في أحضان وطنه، دون اللجوء إلى الهجرة إلى الضفة الأخرى بحثا عن توفير الضروريات التي تلزم استمرار حياته، أو نهج أعمال غير مشروعة ولاقانونية لكسب المال كترويج المخذرات وجميع أنواع المؤثرات العقلية، أو الكريساج والسرقة.
ورغم توفر ركائز الدولة الديمقراطية وظهور بوادر تحقيق المغرب الحديث الذي تستمد آلياتها من دستور 2011م، الذي صوت عليه الشعب ب “نعم” والذي كان حلا استراتيجيا لعدم ظهور أي صراعات داخلية والتي أطلق عليها في باقي البلدان العربية- ثورات الربيع العربي-.
إن ثقة الشعب في صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأطال في عمره لا تقاس بمقدار، خاصة وأنه يؤكد في خطاباته السامية على مر الزمن أن من أولويات جلالته خدمة مصالح شعبه ، حيث يعتبر قطاعي الصحة والتعليم أساس النهضة السوسيو اقتصادية، كما يسهر جلالته على توفير الأمن والسلم في البلد من خلال العلاقات الديبلوماسية التي تربطه بالدول العظمى، إضافة إلى تشبته بالوحدة الترابية والدفاع عن القضايا الوطنية، ولعل تحرير معبر الكركرات و اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، من أسمى الأهداف التي تم تحقيقها في هذه المرحلة الهامة و المفصلية من تاريخ المغرب.
غير أن تكريس الفساد من طرف جل المنتخبين سواء بمجلسي البرلمان أو بالجماعات الترابية من خلال استغلال الصلاحيات الممنوحة لهم لخدمة مصالحهم الخاصة وتوسيع مشارعهم وتحقيق الثراء غير المشروع، ضاربين احتياجات الساكنة عرض الحائط وبدون أدنى مبالاة، يجعل عامة الناس وخاصة فئة الشباب فاقدين الأمل في تحقيق مسلسل التنمية نظرا لبطئ حركة عجلته.
فهناك بعض المرشحين منذ نجاحهم يزورون مكاتبهم إلا نادرا ويصرخون في وجه المواطن، ففي إحدى الأيام أثار انتباهي رجل مسن يمسك أوراق في يده وعيناه حمراء يكاد يبكي من شدة الغضب، فسألته ما بك؟
فاجاب أنه وضع طلب لرئيس إحدى الجماعات منذ اكثر من شهر للحصول على رخصة ربط منزله بالكهرباء، وفي كل مرة يأتي إلى مقر الجماعة ليقول له حارس الأمن ان الرئيس في اجتماع، وحين صادفه طلب منه استفسار عن وضعه، فصرخ الرئيس في وجهه “واش أنا خدام عندك”.
كما أن البرلمانيين يحصدون الملايين شهريا، مقابل الغياب الدائم، فبعض منهم من ظنه الشعب أنه رحل واعتزل العمل السياسي نظرا لغيابه عن الساحة السياسية مدة طويلة، وفي إحدى الأيام تفاجئ الجميع بظهوره في مجلس النواب على حين غرة، كما يوجد برلمانيين نائمين على الدوام ، وآخرين يطرحون بعض الأسئلة الشفوية لضمان البقاء في نفس الكرسي.
كل هذه التداعيات التي تعقب الانتخابات تؤدي إلى عزوف الشباب عن التصويت و حتى عن التسجيل في اللوائح الإنتخابية، إيمانا منه أنه يساهم في تعميق الفساد وأنه لا يستفيد من إعطاء صوته في ظل عدم وجود من يستحق هذا الأخير وفي ظل عدم وجود أي تغيير، فمثلا في ظل تفشي جائحة كورونا فمعظم الأحزاب وخاصة التي تعتز بتاريخها، لم تكلف نفسها حتى تنظيم حملات تحسيسية للساكنة، لو لا رجال ونساء السلطة والجمعيات الوطنية النشيطة التي قدمت عدة تضحيات ومجهودات تحسب لها.
مما يجعل معظم الشباب يرفضون التسجيل في اللوائح الإنتخابية وحتى المسجلين منهم ليس لهم حماس من اجل التصويت، مما يحيل على فقدان الثقة في الألوان السياسية.
و عليه فقد حان الوقت لتعطى للعمل السياسي طابع جديد يعزز ثقة المواطن في بلده وتطلعاته إلى مغرب أكثر ازدهارا، من خلال سن شروط صارمة على المرشحين، واعتبار العمل السياسي تطوع وليس طريقا لتغيير ظروف العيش او الربح المادي.