أثار ظهور رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، خلال استقباله إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، دون أن يرتدي الكمامة، انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن تصرفه جاء في وقت تحذر وزارة الصحة من حدوث انتكاسة جديدة بسبب التراخي في الالتزام بالإجراءات الوقائية من كورونا.
ويتّسم تعاطي السلطات خلال الآونة الأخيرة مع مراقبة مدى الالتزام بالتدابير المتخذة للوقاية من الفيروس التاجي بنوع من “الازدواجية”، ففي وقت تُفرض غرامات على المواطنين الذين لا يرتدون الكمامات في الفضاءات العامة، نظمت أحزاب سياسية لقاءات مع أعضائها غاب فيها احترام الإجراءات المتخذة، كالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات.
وظهر أمين عام حزب سياسي، نهاية الأسبوع الماضي، في تجمع جماهيري داخل قاعة غصّت عن آخرها بالحضور، دون احترام إجراء التباعد الاجتماعي، حيث جلس الناس ملتصقين ببعضهم البعض، وفي غياب ارتداء الكمامات، بينما ظهر فاعل سياسي آخر في صور بثها في صفحته على “فيسبوك” وهو يتوسط مجموعات من أنصاره في غياب تام لاحترام الإجراءين المذكورين.
وكان المسؤولون المغاربة منذ قرار فرض إجبارية الكمامة يحرصون على ارتدائها حتى في الاجتماعات الرسمية وداخل البرلمان، غير أنه سُجّل، خلال الآونة الأخيرة، تراخٍ من طرفهم، بمن فيهم رئيس الحكومة، الذي ظل حريصا على دعوة المواطنين إلى ارتداء الكمامة، قبل أن يُخلّ بهذا الإجراء خلال استقباله إسماعيل هنية، القادم من قطر المصنّفة ضمن قائمة “ب”، التي يتوجب على القادمين منها الخضوع لحجر صحي لمدة عشرة أيام.
إخلال العثماني بإجراءات الوقاية من كورونا دفع الفاعل الجمعوي عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، إلى مباشرة إجراءات رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة، إذ أكد في تصريح لجريدة هسبريس أنه تدارس الأمر مع هيئة الدفاع التي ستتولى رفع الدعوى، مشددا على أنه لن يتراجع عن تقديمها.
وقال زيات: “أنا شخصيا حُررت لي مخالفة وامتثلت لتطبيق القانون، مع العلم أنه حرر لي محضر بشأن عدم وضع الكمامة بشكل صحيح وأديت الغرامة المحددة في 300 درهم، والعديد من المواطنين خضعوا لتطبيق القانون وتحرير المخالفة في حقهم، لذلك من اللازم أن نرى تطبيق القانون يسري على رئيس الحكومة الذي هو في الوقت نفسه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية”.
ويرى الفاعل الجمعوي أن هدفه من رفع دعوى قضائية لتطبيق القانون على رئيس الحكومة، لعدم التزامه بالإجراءات المتخذة من طرف السلطات للوقاية من فيروس كورونا، هو “أن يكون الجميع سواسية أمام القانون”، معتبرا أن ذلك “سيعطي ثقة كبيرة لدى المواطنين المغاربة بأن القانون قاعدة عامة ومجرّدة”.
وأردف المتحدث ذاته بأن ظهور سعد الدين العثماني بدون كمامة وبدون التزام بإجراءات التباعد في لقائه مع إسماعيل هنية، والوفد المرافق له، “خلّف اندهاشا وتساؤلات جمة عند العموم حول الشخص ذاته الذي يطالب المواطنين بالالتزام بالإجراءات الصحية والتدابير الاحترازية وعدم التراخي وارتداء الكمامة، في حين لم يلتزم بأي إجراء من ذلك”.
واعتبر زيات أن رئيس الحكومة “كان ينبغي أن يعطي النموذج والقدوة لعموم المواطنين والشباب على وجه الخصوص، في وقت يتم تحرير مخالفات من لدن السلطات العمومية المختصة حول عدم ارتداء الكمامة أو ارتدائها بشكل غير صحيح، وهو ما يجعلنا نتساءل هل الجميع خاضع للقانون أم إن هناك استثناءات تعفي من تطبيقه على رئيس الحكومة الذي خالف إجراءات التدابير الاحترازية ومنها عدم ارتدائه الكمامة؟”.
وكانت وزارة الصحة نبهت، في بلاغ أصدرته الإثنين، إلى أن التمادي في التراخي الملحوظ الذي تم تسجيله في الأيام الأخيرة بخصوص التدابير الوقائية الخاصة بكوفيد -19 من شأنه أن يؤدي إلى حدوث انتكاسة وبائية، خصوصا مع العطلة الصيفية واستئناف الرحلات الدولية من وإلى المغرب، وكذا الرفع التدريجي لتدابير حظر التنقل الليلي، إلى جانب اقتراب عيد الأضحى المبارك.