نجح تجمع الأشراف من أجل السلام في ليبيا أن يثبتَ أهمية السلم واحتواء الصراعات داخل مجالها الليبي، والعمل سويا مع الدول المجاورة على إنهاء مرحلة الفوضى المؤسساتية التي تعيشها الحالة الليبية، ولعل التنسيق والعمل مع المملكة المغربية كان له حسن التأثير، وساهمت في إسراع التدابير المتعلقة بمأسسة الدولة الليبية، حيث أن الأمين العام لتجمع الأشراف السيد المهدي الشريف أبرز أهم معالم المرحلة المستقبلية التي تعيشها ليبيا ودور المملكة المغربية في هذا المجال وعدة نقاط أخرى نتابعها في هذا الحوار .
1- كيف يستشرف تجمع الأشراف المرحلة المقبلة في ليبيا، وما هي أهم معالمها ؟
ج 1- يتطلع تجمع الأشراف من خلال دوره الاجتماعي المتجذر في المجتمع الليبي، والمكانة التي يتمتع بها في الأوساط السياسية والمدنية، إلى الدفع بجهود المصالحة والأستقرار في ليبيا، وتجاوز الانقسام السياسي القائم حالياً من خلال القوى الفاعلة للتجمع، في كل المدن الليبية نظراً لما يحظى به من تقدير واحترام لدى أطراف الصراع داخل ليبيا باختلاف مشاربها .
2– يساهم المغرب في احتضان جلسات الحوار بين الأطراف الليبية، ويسعى لتقريب الرؤى بينهم، في رأيكم هل نجحت التجربة المغربية في هذا السعي السياسي ؟
من خلال متابعتنا وقربنا من جهود الوساطة التي تقوم بها المملكة المغربية، لمسنا قبولا تاما من كافة الأطراف الليبية، بداية من الصخيرات مرورا بأبو زنيقة إلى الحوارات البينية بين مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، وهذا مردّه في تقديرنا إلى النتائج الملموسة لهذه الوساطة على الواقع الليبي، وماترتبَ عليها من حلول ساهمت في نزع فتيل أزمات وحروب كادت أن تؤدِّي لنسف العملية السياسية برمتها ، فالوساطة المغربية في تقديرنا تحظى بقدر كبير من الثقة لدى الأطراف الليبية، بما تتميز به من نزاهة ووقوفها على مسافة واحدة من كل الأطراف، والأكثر عقلانية ومصداقية، هو عدم تدخل المملكة المغربية في الشؤون الداخلية الليبية .
3– تجمع الأشراف طرح وثيقة مهمة تتعلق بالسلم والاستقرار، إلى أي مدى وجدت هذه الوثيقة تجاوبا على المستوى المجتمعي وكذلك الرسمي ؟
وثيقة تجمع الأشراف من أجل السلام والاستقرار في ليبيا، وثيقة عقلانية تعمل على رشادة وعقلنة المجتمع الليبي والدولة الليبية، والعودة بالأمة الليبية إلى مسارها المطلوب، بعيدا عن الصراعات المجتمعية والتنافرات الفكرية، والتخندقات الأيديولوجية أو المناطقية، فالملاحظ يرى كيف لقيت هذه الوثيقة صداها داخل كل التيارات المجتمعية الليبية، وأوجدت قبولا ومدحا حسنا من طرف المبعوث السابق للأمم المتحدة التي ناقشنا حولها، وحاول جاهدا العمل عليها، ولكن ساءت الأوضاع فتعثرت المساعِ، وهدفنا حاليا العمل على بعث الوثيقة على المستوى التي يليق بها، سواء على المستوى المجتمعي وكذلك على المستوى الرسمي الداخلي والخارجي .
4– يعيش العالم تحولات إقليمية ودولية كبيرة، وليبيا لها بالغ الأثر في هذه التحولات خاصة فيما يتعلق بالدور الأمريكي والروسي والغربي ؟ فما هي قراءتكم للمشهد الإقليمي ؟
العالم لم يتوقف ولن يتوقف عن التغيير، والتغير وفق موافقات وصراعات ومصالح تربط الدول والشعوب، وهنا أريد التذكير بأهمية العلاقات الدولية والشراكات المتنوعة والقوية، فلا يمكننا المغامرة أو المقامرة في كل ما له علاقة بعالم السياسة، تماما كما يجب حسن التسيير والتدبير في المجال المحلي، يجب قراءة المشهد الإقليمي والخارجي والدولي، وبناء مواقفك السياسية التي تخدم مشروعا عقلانيا لصالح الشعب والوطن، فموضوع الصراع الغربي الروسي، وتحديدا الأمريكي الروسي أثبت كيفية تغيير المواقف كما ذكرت سابقا، فقبل أشهر كانت الحرب هي الحل الوحيد لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني، أما اليوم وبعد مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصبحت أوكرانيا الحلقة الضعيفة في المشهد كله، والعودة إلى مسار الصلح والسلم ووقف الحرب.
أما في أفريقيا وخاصة الساحل نشاهد تجاذبات كبيرة، ولا أخفيكم أنها خطيرة للغاية، تستوجب منا الحيطة والحذر وفهم المعادلات الدولية جيدا، أما التخندق لصالح جهة ضد أخرى، فأنا لا أومن به بقدر ما أؤمن بمن سيعمل على تثبيت مفهوم الدولة الليبية في المشهد كله، ويعمل معنا بلغة رابح رابح، وليس جهة رابحة وأخرى خاسرة .