أشارت آخر الدراسات في العلوم النفسية، إلى أن الأشخاص الذين يبلغون من العمر 50 عاما أو أكثر، يسجلون باستمرار درجات أكثر إيجابية، في مجموعة متنوعة من المشاعر اليومية، بالمقارنة مع الشباب، فهم يميلون إلى تجربة المزيد من المشاعر الإيجابية في يوم معين، وعدد أقل من المشاعر السلبية، بغض النظر عن الدخل أو الحالة الاجتماعية.
وقد حرص خبراء علم النفس، على البحث عن تفسير واضح للسعادة والمشاعر الإيجابية، التي أظهرتها شريحة كبار السن أثناء جائحة كورونا، حيث وضعوا فرضيتين من خلال تفسير فجوة السعادة تلك، على أنها تطوير لمهارات تأقلم أفضل مع التقدم في العمر، أو أن كبار السن يعملون على شحذ مهاراتهم في التجنب، ما يقلل من عدد المواقف العصيبة، والمخاطر السيئة التي يواجهونها مع تقدمهم في العمر.
ولاختبار هاتين الفرضيتين، أخضع العلماء السكان الأكبر سنا والشباب لمواقف مرهقة بالقدر نفسه، وهو ما بينته سوزان تشارلز، أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا، حيث قالت، “لم تكن هناك أبداً طريقة تمكننا من اختبار تأثير الضغط الشديد على هذه الشريحة غير فيروس كورونا، حيث أظهر تفشيه أن كبار السن كانوا أكثر عرضة للإصابة به والوفاة بنسبة أكبر من الشباب”.
وتقول لورا كارستنسن عالمة النفس بجامعة ستانفورد، “إن فيروس كورونا هو التهديد لكبار السن الذين لا يمكنهم ببساطة تجنبه، والأهم من ذلك أنه كان ضغطاً طويل الأمد”.
وقام فريق بحث بقيادة الدكتورة كارستنسن بدراسة هذه الحقيقة، في أبريل بعد أن كان النطاق المحتمل للوباء واضحا، وقام الفريق بتجنيد عينة تمثيلية من نحو 1000 بالغ تتراوح أعمارهم بين 18 و76 عاما، يعيشون في جميع أنحاء البلاد، أجاب المشاركون على استطلاعات الرأي بأسئلة مفصلة حول عواطفهم خلال الأسبوع الماضي، واتضحت 16 حالة إيجابية، تجلت مشاعرها في الاسترخاء أو التسلية، و13 حالة سلبية، شعرت بالذنب أو الغضب.
استنتج العلماء أنه إذا كان كبار السن، يديرون مشاعرهم بالفعل عن طريق اختيار تجنب المواقف العصيبة، فيجب أن تظهر دراستهم تقلص فجوة السعادة، إن لم تختف.
كما أظهرت بيانات المسح، أن مزاج شريحة كبار السن ظل مرتفعا في المتوسط، مقارنة مع الفئة الشابة، على الرغم من أن كلتا المجموعتين أبلغتا عن نفس مستويات التوتر، وهو ما أوضحته الدكتورة كارستنسن، حيث أكدت أن أداء الشباب كان أسوأ بكثير من الناحية العاطفية، من كبار السن، خصوصا خلال شهر أبريل، وهو الشهر الأكثر إثارة للقلق، حيث كان الوباء حديثا، وشهدت حالات الإصابة ارتفاعا شديدا.
كما أظهرت نتائج الدراسات السابقة، أن هنالك العديد من العوامل التي ساعدت كبار السن على المحافظة على المشاعر الإيجابية أثناء الوباء، منها توافر الموارد المادية المساعدة على تخفيف ضغوط اليوم، كاستخدام وسائل الدفع مقابل التوصيل، وتوظيف المساعدة والبقاء بشكل مريح في المنزل، والأهم من ذلك القيام بكل الاحتياجات اليومية من دون أطفال صغار.