أعلنت السلطات الإيرانية، بما في ذلك المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، مقتل عدد من القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين في هجمات جوية إسرائيلية استهدفت صباح الجمعة مواقع متعددة في أنحاء البلاد، بما فيها العاصمة طهران ومدن أخرى كبرى.
وذكر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي في بيان رسمي أن “خلفاء القادة الذين سقطوا سيستأنفون مهامهم فورا”، في إشارة إلى الاستمرارية في القيادة العسكرية رغم الخسائر الفادحة.
وأكدت مصادر رسمية في طهران مقتل اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، بعد استهداف مقر الحرس في العاصمة، ويعد سلامي، المولود عام 1960، من أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، وقد لعب دوراً محورياً في تطوير القدرات العسكرية الإيرانية، وتقلد مناصب عليا في قوات الجو والبر خلال الحرب العراقية الإيرانية.
كما قُتل اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر القيادة العامة للقوات المسلحة “خاتم الأنبياء”، نتيجة ضربة مباشرة استهدفت المقر في طهران.
ولقي عدد من العلماء النوويين مصرعهم أيضا، بينهم محمد مهدي طهرانچي وفريدون عباسي، في هجمات استهدفت منازلهم ومواقع عملهم قرب المنشآت النووية، وذلك حسب ما أفادت به وسائل إعلام إيرانية ومصادر استخباراتية نقل عنها موقع “أكسيوس” الأميركي.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرات المقاتلات نفذت “ضربة افتتاحية” في قلب إيران، تلتها هجمات وضربات أخرى، مشيرا أن 200 مقاتلة شاركت في الهجوم على إيران وضربت نحو 100 هدف في مناطق إيرانية مختلفة، كذلك استُخدمت 300 قنبلة، في إطار تنفيذ تلك الهجمات. وأشار إلى أن الطائرات الحربية “تواصل مهاجمة” منشآت نووية في إيران.
مرافق نووية
الهجوم الإسرائيلي الواسع، الذي وُصفته إسرائيل بأنه “ضربة افتتاحية”، نفذته نحو 200 طائرة مقاتلة واستُخدم خلاله أكثر من 300 قنبلة دقيقة، بحسب بيان للجيش الإسرائيلي صباح اليوم.
وأُصيب خلال العملية عدد من المرافق النووية الحساسة، على رأسها منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في محافظة أصفهان، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد عقب انفجارات قوية، نُقلت مباشرة عبر وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية.
كما تعرضت منشأة أراك للماء الثقيل، وهي جزء من البرنامج النووي الإيراني البديل لتخصيب اليورانيوم، لقصف أدى إلى تعطيل جزئي في أنظمة التبريد، بحسب مصادر غربية. وشملت الأهداف أيضا مواقع في مدينة خنداب التي تضم مراكز أبحاث نووية مرتبطة بمفاعل أراك.
طالت الضربات الجوية الإسرائيلية أيضا مواقع استراتيجية تابعة للحرس الثوري، بما في ذلك قواعد عسكرية في محيط طهران، فيما ذكر التلفزيون الإيراني أن ثلاثة مبانٍ سكنية في مجمع “شهرک شهيد محلاتي”، الذي يقيم فيه كبار قادة الحرس الثوري، دُمرت بالكامل نتيجة القصف.
وفي شمال طهران، وبالتحديد في منطقة “نوبنياد”، أسفر القصف عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين بعد استهداف مبانٍ سكنية.
ذكرت تقارير محلية وغربية أن إسرائيل استهدفت مصانع صواريخ ومراكز إطلاقها في مدن وسط وغرب البلاد. وقد تعرضت مدينة كرمنشاه، التي تُعد مركزا رئيسيا لتخزين وإطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، إلى ضربات مكثفة شملت منشآت اتصالات عسكرية حيوية.
كما لحقت أضرار بقاعدة عسكرية في مدينة بروجرد بمحافظة لرستان، حسبما أفاد التلفزيون الإيراني، الذي وصف الأضرار بـ”المحدودة”.
الدفاعات الإيرانية
في أعقاب الضربات الإسرائيلية، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين، أن إيران أطلقت نحو 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، وأن عمليات الاعتراض جارية، فيما لم تُؤكد طهران هذا التطور حتى لحظة نشر هذا التقرير.
وفي وقت لاحق، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو بدأ في اعتراض هذه المسيرات قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي.
وإضافة إلى الأهداف العسكرية والنووية، استُهدف أيضاً مطار الإمام الخميني الدولي في طهران ومحيط مصفاة تبريز في شمال غربي البلاد، ما زاد من حدة الأضرار وتوسيع دائرة القصف ليشمل بنى تحتية مدنية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد أنه تم إبلاغه مسبقاً بالهجوم الإسرائيلي، مشدداً على ضرورة منع إيران من امتلاك سلاح نووي، مضيفا، “نأمل أن نعود إلى طاولة المفاوضات. سنرى”، في إشارة إلى محادثات مرتقبة بين واشنطن وطهران.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه الشديد إزاء تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وخاصة بعد استهداف منشآت نووية إيرانية. ودعا الجانبين إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتجنب انزلاق المنطقة إلى نزاع أوسع.
الهجوم الإسرائيلي على إيران يأتي في خضم توتر إقليمي متزايد وتبادل تهديدات متكرر بين تل أبيب وطهران، خصوصاً على خلفية برنامج إيران النووي والدور الإقليمي المتنامي لطهران في عدد من الساحات. وبينما تستمر العمليات العسكرية، يتصاعد القلق الدولي من انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة ذات تداعيات غير محسوبة.