كشفت دراسة حول الزواج المبكر بالمغرب أن الفتيات المنحدرات من أسر فقيرة هن المعنيات بشكل خاص بالزواج قبل 18 سنة.
وحسب الدراسة التي أنجزت سنة 2014 والتي يكشف عن نتائجها للمرة الأولى، فإن الفتيات المنحدرات من أسر فقيرة وأوساط اجتماعية تسمو فيها أسئلة الشرف والسمعة العائلية على كل اعتبار ذي طابع فردي، هن المعنيات بشكل خاص بالزواج قبل 18 سنة.
وأشارت الدراسة إلى أن الزواج المبكر بالمغرب يخص بالأساس الفتيات اللائي تم حرمانهن من التمدرس والتكوين المهني وفرص التشغيل، كما أنه ناتج عن ضحايا الهدر المدرسي والأمية وكذا ضحايا أباء لا يتوفرون على الوسائل المالية الكفيلة بتمكينهم من متابعة دراستهن الثانوية بالمدينة أو بمكان بعيد عن موطن الأسرة، حسب المصدر ذاته.
ووفق الدراسة ذاتها، فإن الزواج قبل 18 سنة يحرم الفتيات من طفولتهن ومراهقتهن، ومن التمتع بالصحة الإنجابية والتربية والتعليم، كما أن الكثير منهن يجدن أنفسهن مضطرات لقبول علاقات جنسية قسرية.
وشدد المصدر ذاته على أن زواج القاصرات هو أحد العوامل الرئيسة لإقصاء الفتيات عن المجال التربوي ويعزز ذلك الربط الذي يتم ما بين الطفلة، من جهة، والقيام بالمهام المنزلية، والإنجاب وتربية الأطفال من جهة أخرى.
غير أن معظم النساء، حسب الدراسة، يرغبن في تمدرس بناتهن، بالرغم من أن الطموح الذي عبر عنه أكثر من نصفهن بشأن هذا الاختيار لا يتجاوز حدود محاربة الأمية كهدف. أما تتويج دراسة الفتاة بممارسة مهنة، فإنه مازال لا يسترعي اهتمام سوى أقلية من النساء.
وقد بينت الدراسة أن هناك استقرارا على مستوى متوسط السن عند الزواج الأول بين جيلي الأمهات والفتيات، فهو يقع بالنسبة لكليهما في 16 سنة، هذا في حين أن متوسط السن عند الزواج الأول بالنسبة للنساء المغربيات اللواتي يتراوح سنين بين 15 و49 سنة قد بلغ 26.6 سنة في 2010، أي 9.3 سنة أكثر مما كان عليه في 1960.
كما اتضح أن ما يزيد عن ربع النساء المبحوثات اخترن بأنفسهن أزواجهن، وما يزيد قليلا عن النصف من بينهن وافقن على اختيار الوالدين ونضيف كذلك بأنه إذا كان الفارق المتوسط في السن بين الزوجين على الصعيد الوطني هو 7،7 سنة، فإن هذا الفارق يكاد يتضاعف بخصوص زواج النساء دون من الأهلية (13 سنة تقريبا)، مما يمثل تحديا حقيقيا، وفق الدراسة، على مستوى التفاهم بين الزوجين والاشتراك في تحمل المسؤولية الأسرية على قدم المساواة مع الزوج.
وبالمقارنة مع جيل الأمهات، تساهم النساء الحاليات بشكل كبير، وفق المصدر ذاته، في تقليص تردد الزيجات عن طريق “الفاتحة”، ويلجأن غالبا للزواج عن طريق عقد قانوني، كما يلاحظ أن العديد من النساء ممن تزوجن عن طريق “الفاتحة” أثبتن زواجهن لدى المحكمة.
ويخص الزواج الداخلي نسبة من النساء تقل بشكل طفيف عن الثلث، ويتم عقده مع الأقارب من جهة الأب أكثر مما يتم عقده مع الأقارب من جهة الأم، والملاحظ أن نسبة الزواج الداخلي ضمن فئة النساء المتزوجات دون سن الأهلية أكثر ارتفاعا مما هي عليه بالنسبة للنساء من فئة السن 15-49 سنة الواردة في دراسة وزارة الصحة حول السكان والصحة العائلية لسنة 2011 الأمر الذي يعني أن الاعتبارات العائلية في الزواج الداخلي (القرابي) ذات وزن أقوى بالنسبة للفتيات دون سن الأهلية منها بالنسبة للنساء من باقي الفئات العمرية.
وبينت الدراسة كذلك أن القاصرات مستهدفات بوجه خاص في زواج التعدد، خاصة بالنسبة للرجال الذين يحلمون بتجديد شبابهم عبر الزواج بفتاة لم تكتمل لديها بعد القدرة على مقاومة ما قد يفرض عليها من انقياد واستسلام لإرادة الزوج. هذا إضافة إلى ما ينتظر منها أحيانا من أداء الخدمات منزلية، وحتى فلاحية، الفائدة الزوج وأسرته. وقد قاربت نسبة النساء المعنيات بالتعدد 10% من مجموع النساء المتزوجات دون من الأهلية.