طعنت محكمة النقض أخيرا حضانة سيدة لأطفالها وفق تبرير قضائي مثير وغريب بنظر متتبعين، حيث عللت المحكمة حكمها بـ”خروج السيدة الحاضنة من منزلها مساء وهي ترتدي لباسا عصريّا”، اعتبرته المحكمة “يمكن أن يمسّ بشرطيْ الاستقامة والأمانة ويكون سببا ومبررا قانونيا لإسقاط حضانتها”، وهو القرار المنشور ضمن الأحكام المبدئية التي أصدرتها محكمة النقض في موقعها الرسمي بتاريخ 17/01/2023.
وتعود فصول هذه القضية المثيرة إلى تاريخ 04/09/2020 حينما تقدم زوج بدعوى للتطليق للشقاق أمام المحكمة الابتدائية بانزكان، يعرض فيها بأنه” متزوج من المدعى عليها، وله منها ثلاثة أبناء، وأن الحياة الزوجية بينهما أضحت مستحيلة، لكونه يشكّ في تصرفاتها، نظرا لأنها تتكلم مع أصدقاء لها من الرجال في الهاتف، ملتمسا تطليقه منها”.
وأضاف الزوج المدعي، أنه “قدم شكاية في مواجهتها من أجل التحريض على الفساد، وأنها أدينتْ زجريا من أجل ذلك ملتمسا، إسقاط حضانة الأبناء”.
وبعد فشل إجراءات الصلح بين الطرفين، قضت المحكمة الابتدائية بتطليق المدعي من المدعية، وإسقاط حضانة الأطفال عنها، وإسنادها لأبيهم، مع حفظ حقّ الأم في الزيارة خلال العطلة الأسبوعية، وخلال النصف الأول من العطل الدينية والوطنية والمدرسية.
السيدة المدعى عليها، عادت لتستأنف الحكم من جديد، في الشق المتعلق بإسقاط الحضانة، وركزت في مذكرتها الاستئنافية على أن “جنحة التحريض على الفساد التي أدينت بها ابتدائيا، تمّت تبرئتها منها، من طرف محكمة الاستئناف، مدليةً بنسخة من قرار المحكمة”، وأضافتْ أنّ” كلام زوجها عارٍ عن الصحة، وأنه كثير الشكّ والارتياب في تصرفاتها، وهو ما حوّل حياتهما إلى جحيم، ملتمسةً إلغاء الحكم الابتدائي وتمكينها من حضانة الأبناء”.
إثر ذلك، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي وإسناد حضانة الأبناء من جديد للأم، وتحديد مواعيد الزيارة للأب كلّ يوم أحد من الأسبوع، والنصف الأول من العطل المدرسية، إلى جانب الحكم عليه بأدائه للمدعى عليها مبلغ المتعة محددا في 10.000 درهم، ومستحقات الأبناء، ليتقدم الطليق هو الآخر مرة أخرى بطعن بالنقض في قرار محكمة الاستئناف.
محكمة النقض ستقضي بنقض القرار الاستئنافي فيما قضى به من تمكين الأم من حضانة الأبناء بعد الطلاق، معتمدة على العلل التالية:
من شروط الحضانة الاستقامة والأمانة..الثابت من وثائق الملف أن” الزوجة من خلال ما أثبتته كاميرا المراقبة خرجت من المنزل على الساعة السادسة مساء بلباس عصري، وتزامن ذلك مع تبادلها لرسائل قصيرة في الواتساب مع أحد الأشخاص، حيث طلبت منه أن يؤكد حضوره، أو عدم حضوره لملاقاتها”.
كما “اتصلت به وعبرت له عن إعجابها بعطره، وطلبت منه أن يحضر لها عطرا مثله، كما ربطت اتصالات مع أشخاص آخرين”.
المحكمة ذاتها، اعتبرت “ما قامت به الزوجة من أفعال تقدح في المروءة والعفة الواجب توافرها في الحاضنة”.
حسب متتبعين، فإن “محكمة الاستئناف لم تناقش موضوع الطلب على ضوء الوقائع المادية المذكورة، والتي لا تأثير لقرار البراءة من جنحة التحريض على الفساد فيها، مما يكون قضاؤها غير مؤسس ومعرضا للنقض”.
وعلى إثر ذلك، قضت محكمة النقض ب”نقض القرار الاستئنافي بإسناد الحضانة للأم واحالة القضية من جديد على نفس المحكمة للبتّ فيها بهيئة أخرى طبقا للقانون”.